{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)}أقسم بالكتاب المبين وهو القرآن وجعل قوله: {إِنَّا جعلناه قُرْءاناً عَرَبِيّاً} جواباً للقسم وهو من الأيمان الحسنة البديعة، لتناسب القسم والمقسم عليه، وكونهما من واد واحد. ونظيره قول أبي تمام:وَثَنَايَاكِ إِنَّهَا إِغْرِيضُ ***{الْمُبِينِ} البين للذين أنزل عليهم؛ لأنه بلغتهم وأساليهم. وقيل: الواضح للمتدبرين. وقيل: (المبين) الذي أبان طرق الهدى من طرق الضلالة، وأبان ما تحتاج إليه الأمة في أبواب الديانة {جعلناه} بمعنى صيرناه معدّى إلى مفعولين. أو بمعنى خلقناه معدّى إلى واحد، كقوله تعالى: {وَجَعَلَ الظلمات والنور} [الأنعام: 1]. و{قُرْءَاناً عَرَبِيّاً} حال. ولعل: مستعار لمعنى الإرادة؛ لتلاحظ معناها ومعنى الترجي، أي: خلقناه عربياً غير عجمي: إرادة أن تعقله العرب، ولئلا يقولوا لولا فصلت آياته، وقرئ {أمّ الكتاب} بالكسر وهو اللوح، كقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} [البروج: 21- 22] سمي بأم الكتاب؛ لأنه الأصل الذي أثبتت فيه الكتب منه تنقل وتنتسخ. على رفيع الشأن في الكتب؛ لكونه معجزاً من بينها {حَكِيمٌ} ذو حكمة بالغة، أي: منزلته عندنا منزلة كتاب هما صفتاه، وهو مثبت في أم الكتاب هكذا.